أربعون دقيقة من الوقت الضائع…


في طريقي من دكار إلى نواكشوط عبر الموريتانية للطيران، سارت الأمور على ما يرام، رغم تأخر الطائرة في الوصول من أبيدجان.
حين صعدنا إلى الطائرة واستقر الجميع في مقاعده، على تمام الساعة السابعة مساء وبضع دقائق، أخبرنا الكابتن “العيل “، بأن الرحلة إلى مطار نواكشوط “أم التونسي” ستستغرق 40 دقيقة، فعل ذلك باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والانكليزية، وبلكنة يحسد عليها، جعلتني أحس بالفخر والانتشاء الوطني .
أنطلقت رحلتنا بسلام وبدون مطبات فطائرة الأمبراير 175 لها أداء رائع، خاصة في أوقات الإقلاع والهبوط.
حين وصلنا أجواء نواكشوط بعد 25 دقيقة طيران، وبدل الشروع في الهبوط، فوجئنا بالكابتن يخاطبنا قائلا، إنه نتيجة لوصول شخصية مهمة جدا VIP إلى مطار نواكشوط، علينا أن ندور في مكاننا ذاك لمدة عشر دقائق، معتذرا للجميع بحرارة عن هذه الوضعية، ولأنني من مدمني متابعة الأخبار، أدركت فورا أن الأمر يتعلق بفخامة رئيس الجمهورية، العائد من زيارته للمملكة الإسبانية.
رغم صعوبة الموقف، بعد يوم طويل من السفر وتكرار الإجراءات الأمنية المضنية، إلا أنني ابتسمت، وقلت لجاري الجالس بقربي، يبدو أنه لا يكفي إغلاق شوارع نواكشوط وما يسببه ذلك من زحمة مرور خانقة، ها هم يغلقون الشوارع في الجو أيضا.
العشر دقائق تحولت إلى عشرين، والعشرين تحولت إلى ثلاثين، والثلاثين تحولت إلى حوالي أربعين دقيقة، أي، بعملية حسابية بسيطة، أن الطائرة استهلكت ضعف كمية الوقود المخصصة للرحلة، ما يعني خسارة “يابسة”، وهو آخر ما تتمناه شركة طيران، في هذه الأوقات العصيبة على الصناعة الجوية.
حين غادرتنا المطار، وكانت أضواؤه المتلألئة في مرآة سيارة الأجرة التي أقلتنا، تحرسنا وتودعنا، كنت لا أزال أسأل نفسي هل كان الأمر يستحق كل ذلك العناء، وأي خطر يمكن أن تشكله طائرة مدنية، خضع ركابها لكل أنواع التفتيش، حتى قالوا إنه يوم الحساب…

من صفحة المدون البشير ولد عبد الرحمن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى