إمارة إدوعيش / محمد عبد الله بينا
بعد تفكك دولة المرابطين (في أواخر القرن الخامس الهجري- القرن الحادي عشر ميلادي)، احتفظت ذرية الأمير أبي بكر بن عمر اللمتوني وأخيه يحيَ بن عمر بزعامة محلية في وسط المنتبذ القصي حتى الحوضين في الشرق ولعصابة في الجنوب ولبراكنه شرقا.
وتزامن قدوم بني حسان إلى هذه البلاد مع ضعف التكتلات اللمتونية وتقلص حدود نفوذها، إلا أنهم ظلوا متمركزين في هضاب تگانت صامدين أمام الهجمات الحسانية.
يقول العلامة المؤرخ المختار بن حامد ، إن أوديكه بن آكر بن بگه المعروف بـ (آگر أن بگه) بن أنمر بن عثمان وهو من أحفاد يحيَ بن عمر اللمتوني قام في بحر القرن السادس عشر الميلادي بإخفاء ابنه بنيوگ عند أسرة علوية خوفا عليه من بطش بني حسان، فصار الرجل العلوي يقول لأبنائه إنه أخوهم، فلقبوه (خونَ).
ما إن شب (خونَ) حتى ظهرت عليه مخايلُ الحكمة والشجاعة، ففكر في لمّ شمل قومه وتوحيد كلمتهم، ودخل في صراعات مع بني حسان (خصوصا أولاد امبارك وأولاد الناصر) تمكن بعدها من إرساء قواعد قوة لمتونية صاعدة تنافس القوى الحسانية.
كان ذلك الحدث إعلانا لقيام إمارة (الأنباط) أي الزعماء بالصنهاجية الذين عرفوا عند مجتمع البيضان بـ (إدوعيش) وهي نسبة استمدوها من جدهم آگر أن بگه لأن آگر تعني بالصنهاجية (يعيش) من باب التفاؤل، فمعنى إدوعيش (أبناء يعيش).
امتد نفوذ إمارة الأنباط من المجابات الكبرى في الشمال والشمال الشرقي إلى “الجام آدرار” في الشمال الغربي إلى أگان غربا إلى گورگل لبيظ جنوبا إلى أفله في الجنوب الشرقي، وعرفت عنهم حدة الشوكة وشراسة الفعلة والنخوة، وتعاقب على حكم هذه الإمارة:
-امحمد بن خونَ: ورث امحمد زعامة والده وواصل سياسته لبناء الذات فأقام تحالفا مع أولاد امبارك لتخفيف المهمة عليه، وزوج ابنتيه العاليَه وعيشَه لهنون لعبيدي أمير أولاد امبارك، وهو من قام برسم حدود إمارته وأجبر المجموعات الحسانية على الاعتراف بها، وكانت وفاته في أواخر القرن السابع عشر الميلادي أو بداية الثامن عشر.
-أعمر بن امحمد بن خونَ: وقع في عهده الشقاق بين إدوعيش وأولاد امبارك وجرت بينهم وقعات أظهرت مهارات إدوعيش القتالية، وكانت وفاته في حدود 1732م.
-اعلي بن امحمد بن خونَ: لم يدم الاستقرار في عهده حيث أن ابن أخيه بكار بن أعمر نازعه الحكم، وكانت وفاته سنة 1757م.
-بكار بن أعمر: تمددت الإمارة في عهده جنوبا حتى النهر فسميت منطقة (