“من التاريخ” العلامة القاضي الشيباني ولد البان
الشيباني ولد البان ولد الشيخ أحمد التنواجيوي الإدريسي،
ولد عام 1914م في الحوض الغربي عند موضع يسمى “إجملانة” بالقرب من الحدود المالية وقد كانت المنطقة تتبع إداريا للدائرة الاستعمارية إنور” Nyiro du Sahel” جنوب مقاطعة الطينطان حاليا.
ينحدر الشيباني ولد البان، من أسرة أهل الشيخ أحمد المعروفة بقادتها وبجذورها العلمية والروحية الضاربة في العمق.
بدأ الدراسة على جده العلامة المعروف الشيباني ولد البان حفيد الولي المعروف وقطب زمانه الشيخ أحمد ولد سيدي ولد جدو الملقب “الشيخ أية” الذي تعهده رغم وجود والده المباشر البان كما هو معهود في العادات، كما درس على علماء قبيلته علوم القرآن وألفية ابن مالك وبقية العلوم الإسلامية والعربية.
استدعاه الحكام الفرنسيون لتولي خلافة والده المباشر البان الذي غربه الفرنسيون إلى دائرة تامشكط تحت الإقامة الجبرية بعد عصيانه أوامر المستعمرين بالزج ببعض رعيته في رحلة “كويّه”وهم خدام قافلة الصمغ إلى دولة السنغال. فقرروا طرده من المنطقة ليكون عبرة لغيره وكان ذلك سنة 1934م.
فتم تنصيب الشيباني، وهو ولده الكبير، لخلافته وهو ابن عشرين ربيعا.
واصل الشيباني قيادة مجتمع تنواجيو وخاصة أولاد بومحمد تسع سنين تخللتها بعض الأحداث الشهيرة منها “ديگة إم إشگاگ 1940” التي سببتها تناقضات مذهبية، بين قومه والحمويين.
تميز فيها الزعيم الشاب بين شيوخ قبيلته لما يملكه من مؤهلات علمية وقيادية جعلت الفرنسيين يحسبون له ألف حساب خلال محاكمة الليوان Yelmané المدينة المالية التي طبقت فيها الأحكام المتعلقة بواقعة إم اشگاگ.
و يمتدحه معروف أحمد ولد بوب جدّو بقوله:
تم اعل عزم ما نزاح :: ولْ عزمُ مان حاگر
واشبه بوه إل فات فاح:: البان ابلد لمصادر
رفض الانصياع لأجندة المستعمر، فكاد أحد المجاهدين المقاومين لهيمنة المستعمرين، فعرف بالتمرد على أوامر الفرنسيين وخاصة منها ما يتعلق بانتهاك حقوق الرعية فرفض الاستكانة والخنوع مما جعله يصطدم بالكابتين مونيه Monyé حاكم دائرة إنيور “التي تتبع لها المنطقة” عندما أغلظ عليه القول فصفع الحاكم وأمر بجلده وكل أعوانه عند “بئر إنخيل” و حينها قال عبارته الشهيرة “حشان يان الشيباني ولد البان”
أي لا للذل لمثلي من من يحمل هذا الإسم الكبير.
بعدها وصلت التعزيزات الفرنسية فقرر الفرنسيون حمله إلى دائرة إنيور “Nyouro du Sahel”.
إلا أنه رفض حتى تمت تولية أخيه الأصغر الشيخ أحمد الذي خلفه بعده.
وبعد تقديمه للمحاكمة في إنيور والاستئناف في باماكو تقرر تغريبه “تزويگه” إلى مدينة تيمبكتو تحت الإقامة الجبرية عشر سنين تنقل فيها بين المجمعات العلمية في إنافنكة Nyavenka ثم الحدود الجزائرية ومشارف النيجر.
ما سمع بعالم خلال تغريبه إلا أقام عنده وأخذ منه ثم طلب تحويله إلى مدينة ولاته فروى من معين علمائها، وبعد ذلك انتقل إلى النعمة التي كانت آخر محطاته رحلته العلمية الزاخرة ليعود بعدها إلى وطنه الأصلي بقافلة محملة بنفائس المتون وجواهر الكتب حتى كانت رحلته مضربا للمثل “ژوگة الشيباني التي جاء منها عزيزا وعالما جليلا”.
بعد عودته تفرغ لنشر الدعوة والتعليم والقضاء، ودخل رحمه الله العديد من المناظرات وأصدر العديد من الفتاوى حول العديد من الإشكالات الفقهية والوقائع، وألف في العديد من المجالات وخاض سجالات حول القصر في الصلاة ورؤية الإله واشكالية العبودية ووجوب الجمعة على كل حضر..
وبعد الاستقلال عين مفتيا وقاضيا مصلحا لعموم منطقة الحدود الجنوبية الشرقية مقيما في عين فربة وهي الوظيفة التي ظل يشغلها إلى جانب إمامة المسجد الجامع للمدينة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في الثاني عشر من فبراير 1998 تغمده الله بالرضوان قبره
يقول الأديب الشهير بح ولد محمد المختار في رثائه:
ينفربه يتمت ما تشكات :: موت الشيباني ولد البان
بكات المسجد واتبكات :: إمات الأسر والصبيان
وبكاو أهل الدين مساكين
بيهم صدم خلگت فالدين
وبكاو المرض متميين :: والمجنون المشكرف كان
وبكاو الخصم بك إمتين :: إل فالدشر والفرگان
والجنايز وقت ترودين :: اسحاب الظلمة والحمان
لحريجات ابكاو اثنتين :: والواد وصمب والحسيان
والمسيل ساحل ول بين :: المسيل واحزاز إبنقان
وبكاو الگلاب لخرين :: من گلب الخير لبنعمان
للصحب للگليب گليبين :: ال لگيارن لين الطنطان
هذا كامل گد إل فيه :: يتباك متموجع يتحان
ماه متمونك ول بيه :: موت الشيباني ولد البان
يعطيه النعيم المقيم
فالجنة ونواع التكريم
وفقبر ما يجبر لحزيم :: يساع ورايحة تزيان
واعود المجلس بالدوام :: العمل الصالح والقرآن
بجاه القرآن الكريم :: وتبارك والرحمان
ل لال التفويض التسليم :: من منام احبيب الرحمان
مايبگ حد فذ لقليم :: دون الشيباني ول البان
واتبارك يالحي اللطيف
فالأسرة يعطيه تأليف
فالقلوب ومنزل نظيف :: فيه المقام ولطمئنان
والدرجه ونواع التوظيف :: وتخاو لگبيل فمكان
من لحداد لممقيريف:: تنواجيو تعود افأمان
من تنحماد إلين اعطيف :: لعوينات إلين لكمبان
ول ڨايل عاگب ما فات :: والناس اشهود اعليه اتبان
ينفرب يتمت ماتشكات….
شاخت من بعده المنابر وتيتمت مجالس القضاء، ونضبت من فقده عيون الفتوى وتجعدت ذوائب الصلاح والبركات وتحسرت على فقده السنة الوسطية والاعتدال، ونامت بعده خزائن المكتبات وصوحت دوحة الأدب، وبكاه اليتامى والأرامل والمرضى.
من التاريخ