متى كانت بوزريعة مصدرا للشريعة؟/د.مولاي اب اكيك

في مرحلة ما من مراحل الاحتلال الفرنسي للجزائر احتدم الصراع بين المحتل وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ففرنسا كانت تسعى بكل ما أوتيت من قوة ومال أن تدفن الإسلام في أرض الجزائر وتخرج أهلها من دين التوحيد إلى التثليث. إلا أن أبناء الجزائر كانوا لهم بالمرصاد وعملوا على إيقاظ النّفوس النّائمة، وهزِّ النفوس الجامدة وبعثِ الحياةِ الإسلامية والروح الوطنية فيها من جديد وذلك من خلال تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي صححت العقيدة من الانحراف، وزكّت الأخلاق..

 

رأت فرنسا مخططها الشيطاني ينسف على أيدي أولئك الأحرار الأبرار، فجنّ جنونها، وسلّطت عليهم ما لم يخطر على بال من نصب وعذاب، وسنت سلسلة من القوانين، وأصدرت كثيرا من الأوامر، ووضعت الكثير من العراقيل للحد من تأثير جمعية العلماء على الشعب الجزائري.

 

ومما عملته فرنسا لصرف الجزائريين عن الاستماع إلى الجمعية أنها قررت أن يكون بدء صيام رمضان ونهايته مرتبطا بما يصدره المرصد الفلكي الموجود في بوزريعة (أحد أحياء الجزائر العاصمة) من بيان وليس مما يصدر عن جمعية العلماء من بلاغ، فكتب الإبراهيمي ساخرا: متى كانت بوزريعة مصدرا للشريعة؟

 

تذكرت هذه المقولة وأنا أتابع ذات مساء أحد البرنامج التلفزيونية رئيس اتحادية المخابز، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين وهو يحاضر عن مبادرة رجال الاعمال المتعلقة بالتصدي لظاهرة البذخ والتبذير في مناسبات عقود الزواج الشرعي.

 

في حقيقة الأمر، لا يستطيع أي مكابر إنكار أهمية التصدي لهذه الظاهرة وضرورة تيسير الزواج والحد من ارتفاع تكاليفه في موريتانيا، إلا أن انبراء رجال الاعمال لهذا الدور، رغم أهميته، وهم المنشغلون بأدوارهم الرئيسية الكبيرة التي ليست محل رضىَ و لا استحسانٍ من قبل المواطن والمجتمع بشكل عام هو خروج مرة أخرى من رواقهم الأصلي (على حد تعبير الوزير وخبير التنمية).

 

إن ما ينتظره المواطن العادي من أرباب العمل الموريتانيين هو وبكل بساطة أن يقوموا بتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي حازوا صفقاتها على الوجه المطلوب وفي الوقت المحدد، وبالذات مشاريع الطرق، الإسكان، التزويد بالمياه والكهرباء… خاصة في ظل رصد بعض التقارير الإخبارية تعثر عشرات المشاريع الكبرى بسقف مالي تجاوز 213 مليار أوقية قديمة.

 

معشر رجال الاعمال، إن المواطن البسيط يريد منكم الرفق به ومراعاة أحواله وترك الطمع والجشع وتحاشي الاحتكار والابتعاد عن المضاربة والتلاعب بالأسعار.

 

يا أرباب العمل إن دوركم التنموي لا غنى عنه وخدمة الوطن واجب في أي مجال يتاح لكم، وبالذات ما يعمل منها على خلق فرص العمل المناسب وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، زيادة الإيرادات الحكومية، تطوير الابتكار وبالتالي تسريع نمو القطاع الخاص وزيادة مساهماته في الناتج المحلي الإجمالي. تلك هي أدواركم الرئيسية فرجاءً ركزوا عليها واتركوا للآخرين أدوارهم، فمصب النهر يتعاظم بتكاثر روافده، والإنجاز الكبير يتحقق بقيام كل فرد بواجبه.

زر الذهاب إلى الأعلى