كفى فسادا وظلما ..كفى ازدراء ،فقد طفح الكيل …
لا يخفى على اي عاقل يشغل مهمة في قطاع التربية والتعليم ،أن الإهتمام بالمنظومة التربوية ،شهد تدهورا غير مسبوق خلال العقدين الأخيرين ،بفعل اعتبارات ،يحكمها الفساد المستشري في مختلف مفاصل القطاع وخاصة من عهد إليهم بتحسينه من مسيرين مركزيين في هرم القطاع منذ نشأة الدولة الحديثة وحتى اليوم …
وفي هذا السياق ،كتب احد المؤطرين ،
“حين تتأمل مستوى التحفيزات الممنوحة لمختلف هيئات التأطير وتلك المبالغ الزهيدة الممنوحة لمسيري المقاطعات وهيأة التأطير مقاربة باي مخلوقات قطاعات الدولة من نظرائهم تجد الإجابة على السؤال الكبير ،متى يتوقف النزيف ؟
وفي هذا السياق حين تصبح الترقية خفضاً في الدخل: مفارقة “علاوة الطبشور” في قطاع التعليم الموريتاني
بقلم: المفتش المصطفى عبد الكريم أحمذي
في كل نظم الإدارة الحديثة، تُعتبر الترقية الوظيفية مكافأةً على الجهد، وتحفيزاً على الكفاءة، ووسيلة لرفع الأداء. إلا أن الواقع في وزارة التهذيب الوطني في موريتانيا يروي قصة مختلفة، بل ومفارقة لافتة تستحق الوقوف عندها.
في سلك التعليم الأساسي، يتقاضى المعلمون علاوة تدعى “علاوة الطبشور”، وهي علاوة مهمة تُمنح للمعلمين تقديراً لطبيعة عملهم المباشر داخل الفصول الدراسية. ولا خلاف على أهمية هذه العلاوة في دعم دخل المعلم وتحفيزه.
غير أن المشكلة تبدأ حين يقرر هذا المعلم الطموح أن يتقدم لمسابقة مفتشي التعليم، وهي ترقية مستحقة لا يحصل عليها إلا الأكفأ والأقدر. وبمجرد نجاحه وتعيينه مفتشاً، يُفاجأ بأن علاوة الطبشور تُنتزع منه تلقائياً، بحجة أنه لم يعد يمارس التدريس المباشر.
النتيجة؟ المفتش – الذي ترقى وظيفياً – يخسر جزءاً كبيراً من دخله الشهري، فيصبح راتبه الصافي أقل من راتب المعلم الذي لم يُرَقَّ. أليست هذه مفارقة محبطة ومثبطة للهمة؟
هذا الواقع لا يضر فقط بالمفتشين، بل يضرب في العمق مبدأ الحوافز داخل المنظومة التربوية. فبدلاً من أن تكون الترقية مساراً طبيعياً لتحسين الدخل والمعنويات، أصبحت في هذه الحالة عبئاً مالياً قد يجعل البعض يتردد في السعي لها أصلاً.
الحل بسيط وعادل:
1. استحداث علاوة إشراف تربوي خاصة بالمفتشين، تعادل أو تفوق علاوة الطبشور.
2. اعتماد مبدأ “الحق المالي المكتسب”، بحيث لا يفقد الموظف أي امتياز حصل عليه إلا إذا عُوّض بما هو أفضل.
3. مراجعة هيكل الرواتب والعلاوات بشكل شامل، لضمان العدالة الوظيفية وتحفيز الكفاءات.
ختاماً، نناشد الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة التربية ووزارة المالية، بإعادة النظر في هذا الخلل الواضح، وإنصاف فئة المفتشين التربويين، الذين يمثلون ركيزة أساسية في جودة التعليم ومتابعة أداء المدارس والمعلمين.
إن إنصافهم ليس مطلباً فئوياً، بل هو تصحيح لمسار الترقية، وتثبيت لقيم العدالة والتحفيز في قطاع نعلّق عليه جميعاً آمال التقدم.