الأستاذ /عبدو سيدي محمد ،يكتب ” سقطت الأقنعة “

الأستاذ عبدو سيدي محمد

اتخذت السلطات الموريتانية إجراءات روتينية بترحيل بعض المقيمين بصفة غير شرعية على التراب الموريتاني. و رغم ان هذا إجراء قانوني سليم يدخل في صلب مهام الجهات الأمنية إلا أن ردود الفعل كانت متباينة لكن كما يقال رب ضارة نافعة. فقد كشفت ردود الفعل المستور و أسقطت الأقنعة عن بعض الوجوه العنصرية اللونية. و حسب متابعتي للموضوع أنقسمت ردات الانعكاس إلى  ثلاثة مستويات (الرسمي، الشعبي و الخارجي)

على المستوى الرسمي : جاء على لسان الناطق الرسمي الحكومي تصريحات حول موضوع ترحيل المهاجرين الزنوج غير  الشرعيين و كشف عن التعاطي (البارد) للجهات الرسمية حيث قال ” في العام 2022 دخل قرابة 130.000 (مائة و ثلاثون ألف) مهاجر إلى موريتانيا و رغم إعطاء فرصة التسجيل المجاني للإقامة لم يسجل منهم  إلا 7.000 (سبعة ألاف) فقط”.

ثم جاء بيان (مهزوز) لوزارة الخارجية الموريتانية بعد اتصالات اجراها وزير الخارجية الموريتاني مع نظراءه الأفارقة من الدول المعنية.

الموقف الرسمي كان دون المستوى بل يظهر خللا تنسيقيا و تهاونا في أداء المهام. لماذا التساهل و التهاون في تسفير المهاجرين الذين رفضوا التسجيل المجاني؟

أما على المستوى الشعبي رصدنا ثلاثة جبهات هي :

1 / الجبهة الوطنية و هي شريحة عريضة من المواطنين المدافعين عن المصالح العليا  للوطن و  قامت بدور هام في التحسيس و التعبئة حول مخاطر الهجرة غير الشرعية على السلم الاهلي الاجتماعي و الإقتصادي. و كان للفسابكة  دور ريادي طلائعي و المميز في هذه الجبهة انها عفوية تلقائية لا تخضع لتنظيم سياسي أو تكتل قبلي أو انتماء فئوي.

2/ الجبهة اللونية تتكون أساسا من أشخاص (لا شخصيات) لهم خلفيات و اجندات غير وطنية و تسعى إلى التفرقة و زرع البلبلة لزعزعة و تفكيك النسيج الإجتماعي الوطيد. و حسب المعلومات المتوفرة تتكون هذه الجبهة من فلام و ايرا و الطابور الفرانكفوني و الباحثين عن اوراق ثبوتية غربية و اغلبهم خارج الوطن.

3/ الجبهة الإعلامية للأسف كانت التغطية الإعلامية غائبة مثل البيانات السياسية و الحقوقية و تناول موضوع الترحيل مواقع معروف بمواقفها المسبقة و التي لها خط تحرير معاد للوطن و تسعى إلى تغطية (جعل من الحبة قبة).

على المستوى الخارجي كانت تصريح رئيس الوزراء الكناري حول وجود 500.000 (خمسة مائة الف) مهاجر على الأراضي الموريتانية و تملص الأتحاد الاوروبي من تعهداته هي الابرز و الأكثر واقعية. كما تضمنت تصريحات من وزارء خارجية السنغال و مالي نبرة غير دبلوماسية و كأنها رسائل تحمل بين طياتها (أوامر) و أسرار. لكن الغريب هو تصريح نائب برلماني سنغالي حول إفاد (بعثة) إلى موريتانيا لتفقد المهاجرين الأفارقة و هو تصريح عبثي للعبث الدعائي ليس إلا. السنغال في موقف لا تحسد عليه بعد تجميد مساعدات و تمويلات مالية قد تؤدي إلى أزمة لا قبل لدكار بها في ظل شح الموارد و فتح متاهات و ملفات لإسكات الشارع و بالتالي فتصريحات وزيرة الخارجية و نائب الدهر لا تؤخذ على محمل الجد في نواكشوط مثل تصريحات المتجنسين و ملاك المنازل في العاصمة السنغالية. أما باماكو تدرك جيدا أن غض النظر عن الشطحات غير البرتوكولية و سلوك الطائشين و سطو اللصوص لا تحرك (شعرة) في بلاد شنقيط.

خلاصة القول موريتانيا لها كامل السيادة و لا تنتظر الأوامر من دكار أو باماكو. و رغم (دروشة) التصريحات الحكومية و صمت الساسة و الإعلام و محاولة ازلام العنصرية اللونية الاصطياد في المياه العكرة. فإن موريتانيا لها قرارتها السيادية الاستيراتيجية فالرئيس الموريتاني يدعو الاحزاب السياسية إلى حوار شامل على مائدة إفطار رمضاني فاخر.  الصورة الأخرى المشرقة قوات الأمن العمومي و حماة الوطن المغاوير بالمرصاد لرصد و إفشال أي تهريب للمهاجرين غير الشرعيين و سوف تكتمل الصورة البارونامية قريبا بعد فشل و كشف أجندة آكلي فضلات و فتات موائد الأجنبي.

لقد وقع (الأعداء) الأشقاء في فخ صمت و أستغباء نواكشوط و ابتعلوا الطعم. لقد ضربت السلطات الموريتانية بحكمة بليغة من رئيس الجمهورية( سرب) من العصافير. أولا افشلت في المهد الخطة التي تشرف عليها (باماكو) بالتعاون مع أربعة دول أفريقية(نحتفظ على الأسماء من باب التحفظ المهني) و هذا بتجنيس مكون معين لدخول موريتانيا مستغلين العلاقات التاريخية و السمعة الطيبة بين البلدين. و هنا مالي ملزمة باستقبال بضاعتها التي ردت إليها. ثانيا وقعت (دكار) أيضا في سوء تقدير موقف موريتانيا الودي و فتحت معابرها للمهاجرين نحو التراب الوطني لكنها رفضت أيضا أستقبال المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المرحلين و الداخلين من معابرها البرية و النهرية. و هنا و من باب المعاملة بالمثل لن تسمح السلطات الموريتانية بدخول المهاجرين الأفارقة القادمين من السنغال بأستثناء من يحمل الجنسية السنغالية. و بالتالي ستتحول الأراضي السنغالية إلى (موطن) لغير المرغوب فيهم من الجنسيات التي كانت السلطات السنغالية تسمح بعبورهم نحو (أرض الميعاد). ثالثا سقط القناع عن الطابور الفرانكفوني و أعوانه و الحاملين ل (فيروس) تفكيك و تسميم الروابط الاجتماعية المتينة بين الموريتانيين. و هنا سقط (غير مأسوف على السقوط) ذباب التبعية على فضلات موائد الغرب و أعداء الوطن و مرضى اللونية و العنصرية عبر تصريحات و تدوينات و تصرفات و سلوك عدواني اتجاه السلطة و قوات الأمن. في محاولة بائسة لبث السموم لكن يقظة الشعب الموريتاني و جاهزية قوات الأمن كانت بالمرصاد. و أخيرا كانت رسالة الرئيس الموريتاني واضحة و ذات دلالة عميقة ففتح حوار وطني لكافة الطيف السياسي رغم ما يجري على الحدود الشرقية و الجنوبية و موجات جراد المهاجرين غير الشرعيين. هذه إشارة طمأنينة ليس للمواطن الموريتاني لكن أيضا لكل الأطراف التي كانت تحاول زعزعة الأمن ان موريتانيا بخير و (الوضع) تحت السيطرة. و على رأي المثل العربي الشهير (ضعاف الأسد أكثرها زئيرا و اقواها التي لا تزأر).

 

أ. عبدو سيدي محمد

من موقع الحرية نت

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى