عن الحدود المالية، والحديث ذو شجون..
تذكرت أيامَ خدمتي العسكرية المليئة تكوينا وعبرةً ودروسَ حياةٍ؛
شِبنَ وكبرن عن ذا اليم :: غير الفتى من صنيعُ
يشيبُ كثيرا وِتّم :: الطباعُ يوافيعُ.
بدأت رحلتي العسكرية الثرية غَرابة وغُربة بالسودان الشقيق، حيث الجنوب الملتهب جنجويدًا ومعناها الرجل الجني المتوشح سلاحه، ففيه علمتني الحياةُ أن الوطنيةَ سلوك وتضحية قبل أن تكون ثرثرةً وادعاءً.
ومن ثمّ أطار وأكاديميته العسكرية الخالدة، حيث يحق لي إنشاد أبيات اليعقوبي :
ألا وَدِّعا أرضَ الحُمَيِّمِ وابكيا :: معاهِدَ منّا كنَّ قدماً أواهِلا
ديارٌ قضَينا للشَبابِ حقوقَهُ :: بهِنَّ فيا نِغمَ الديارُ منازِلا
بلادٌ نسينا أهلَنا وبِلادَنا :: بها وبأهليها الكرامَ الأفاضِلا
فهناك في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة تعرفت على نخبةِ ضباط البلد، وشبه المنطقة جمهورية مالي – مربط الفرس- تحديدا.
وأنتهز الفرصة لأضع القارئ في السياق الزمكاني المناسب حيث كان الرئيس الحالي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، قائدا للاركان العامة للجيوش، ووزير دفاعه الحالي قائدا عاما مساعدا له، وقائد الأركان العامة للجيوش حاليا، قائدا للمدرسة العسكرية آنذاك. والثلاثة كلهم برتبة فريق – أعلى درجات العسكرية في وطني الحبيب -.
المهم أنني هنا لأقدم شهادةً غني عن الإدلاء بها، لولا الوطنية وضرورة المرحلة والشعور بالمسؤولية، لما كلفت نفسي عناءَ الإدلاء بها إطلاقا، لأني بطبعي :
خُلِقْتُ عَيُوفاً لا أَرَى لابْنِ حُرَّةٍ :: علَيَّ يَدًا، أُغْضِي لها حِينَ يَغْضَبُ،
لكني في المقابل :
إِذَا أَنَا لَمْ أُعْطِ المَكَارِمَ حَقَّها :: فلا عَزَّنِي خالٌ ولا ضَمَّنِي أَبُ؛
من أجل ذلك، أبصم بالعشرة على قول نابليون في القائد أن
“أفضل مزايا القادة ، برودة الاعصاب”.
لأنه بعدم الارتجال والانفعال يمكن للقائد بموضوعية أن يختار الرجلين المناسبين للدفاع والأركان العامة لجيوشه.
فريقَين حالي وسابق يتمتعان بروح العدل والدراية، متميزَين على رأي القائل :
القائد هو الذي يجعل الاخرين يثقون به ، أما القائد المميز فهو الذي يجعل الاخرين يثقون بأنفسهم.
…. يتبع
من صفحة القائد:الددة ولد الشيخ أحمد