رسائل العودة/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن.
نواكشوط/”ما أحلى الرجوع إليه”…
كل و معشوقته،رغم ذبابه و حره و مناخه الطارد العكر ،الذى استقبلني بامتياز،فقد سررت كثيرا بنسمات ذلك الصباح الساحلي الساحر،عندما حطت عجلات الطائرة التركية ،عبر الرحلة 595،على مطار أم التونسى،يوم 14/2/2022،و ولجت هذا الفضاء المتنوع، الذى طالما عايشته و خبرته بعمق،بجميع تقلباته،و ما وجدت يوما أي صعوبة فى التكيف باستمرار،لله الحمد و المنة،مع مختلف ألوان طقسه المتقلب فعلا،بكل المعانى.
رسالة العودة الوحيدة،أنى أحب بلدي، رغم كل عوالج النفس و ما لا يمكن أن أمكن أبوح به!.
فمن يوم خروجي منه يوم 15/2/2021 إلى يوم 14/2/2022،لم يفارق مخيلتي و لا لحظة واحدة تقريبا،كنت دائما إما أن أتذكره أو أحن إليه،تأملا و معالجة و متابعة ،لحظة بلحظة،لشأنه العمومي!.
أما بعض أجزاء الوطن، رحما و أقرب من ذلك، و حتى سلطة أحيانا،فقد ظل يقدف علي من بعيد رسائل الكره و التنكر و العقوق و عدم الفهم و الترحيب!.
أحب موريتانيا حجرا و بشرا،و بدون تمييز بين من أنصف و صبر و أحسن، و بين آخرين فضلوا كعادتهم،طريق الظلم و فساد الذوق و ضياع الأخلاق و تيه البوصلة عموما!.
و أما بعيدا عن مشاعر العودة قبل رسائل العودة،فموريتانيا لم يتحسن حالها البتة،و إنما بالغ حاكمها الحالي و بعض أعوانه،ضمن مؤامرة متعددة الأوجه،فى خنق حرياتها المتعددة، دون جدوى،لكنه بدأ يتراجع و يعيد النظر تحت ضغط هول الصدمة،فالموريتانيون،رغم الجوع و الغبن الرسمي المتنوع،لا بقبل بعضهم مصادرة الكرامة و الحرية بعد منع نصيبهم شبه كلي من مختلف أقوات و أرزاق بلدهم …”امسيكينين”!.
و ثمة بصيص أمل فى نفق الظلم ،الذى انهار فعلا باختصار،و ما زال البحث جاريا عن سر و حقيقة “اتراجيديا” القديمة المتجددة!.
فإلى متى،أما ملتتم من خنقنا…لقد سئمنا مجاملتكم أفما سئمتم من احتقارنا و ظلمنا،رغم قوتكم “المنفوشة” و ضعفنا الخادع،الذى يشجعكم باستمرار!.
مأساتي من جنس مأساة الوطن،و من رفق الله و جميل تدبيره، حتى لا أنساكم،ذلك فهمي لما أعيشه بصبر و احتساب،لله الحمد،كما ينبغى لجلال وجه الله و عظيم سلطانه.
و كم من محنة فى ظاهرها ،و باطنها و مآلها الفرج!.
من صفحة الكاتب الصحفي عبد الفتاح اعبيدن