في مواجهة الإساءة / محمد سالم ولد بمبه
انخرطت جماعات من الاسلاميين والقوميين في الأيام الأخيرة في حرب شتائم متبادلة منظومة ومنثورة أثر هجوم أحد شيوخ الاسلاميين على القوميين ومخاطبتهم بعبارة (أتفو) خلال احتفالية إحتفاء بالوفد الفلسطيني الزائر،لكني لم أستطع الدخول في مثل هذه المعركة التي تذكرني بمعركة وقعت في الثمانينيات بين طائفتي الهندوس والسيخ في الهند عنونتها مجلة الوطن العربي آنذاك ب ( حرب أعقاب السجائر)، فعقب نزاع بين الطائفتين ،قام بعض شباب السيخ بارسال رسائل تهديد شديدة اللهجة لشيوخ الهندوس مكتوبة على آذان الأبقار المقدسة لدى هذه الطائفة الأمر الذي رد عليه الهندوس بمسيرات مليونية نحو معبد السيخ في أمريستار وقذفه بملايين أعقاب السجائر التي يحرم السيخ دخولها لمدنهم وقراهم،لذلك وجدت نفسي في مواجهة موجة الشتائم خوفا من أن يكتب أحدهم يوما ( حرب أتفوهات بين الاسلاميين والقوميين في موريتانيا)،ومستنداتي في تلك المواجهة عديدة،فعلى رأسها أن الشيخ الذي صدرت منه العبارة لو تم تذكيره فورا بقوله تعالى (وقولوا للناس حسنا ) أو قوله ( ادفع بالتي هي أحسن) أو قوله (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) أو قوله (وهدوا الى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ) لتراجع من حينه ليحول الحفل الى جلسة وعظ حول محارم اللسان مرددا الاستغفار مئات المرات ومستعرضا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) وحديث معاذ بن جبل (،حين أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بلسانه وقال لمعاذ:كف عليك هذا،قلت:يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به،فقال ثكلتك أمك يا معاذ،وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )،و فوق ذلك ومعه،فأنا أجزم بأن كل القوى الوطنية المؤمنة بوحدة كيان الدولة الموريتانية أرضا وشعبا،مهما تباينت مقارباتها الأيديولوجية،لها ما يشغلها في الوقت الحاضر ،فدعوات التفرقة والانقسام تنطلق من الجنوب ومن الشمال وحدود البلد ملتبهة شرقا وشمالا بسبب تفاقم الأزمات الاقليمية ،فهل يجوز لمن تحاصره هذه التحديات وغيرها من انتشار المخدرات بين الشباب و جرائم القتل والحرابة،أن تشغله هذه الحرب العبثية التى تعيد خطاب القوى الوطنية الى فترة الثمانينيات،يضاف الى كل ما سبق أن القضية الفلسطينية تشكل الآن نقطة إجماع وطني ،شعبي ورسمي،لا يجوز تعكير صفوها خدمة لصورة بلدنا على المستوى العربي والاسلامي