وزارة التهذيب الوطني : بين مطرقة الأساسي وسندان الثانوي / محمد باب محمد يحي
تعيش وزارة التهذيب الوطني المنشأة على أنقاض وزارتي التعليم الثانوي والفني والمهني ووزارة التعليم الأساسي وإصلاح قطاع التهذيب الوطني الآن مخاضا عسيرا يأتي على خلفية جملة من التغيرات بسبب الوصل الفعلي والفصل النظري .
ففي الوقت الذي كان يتوقع البعض أن هذا الفصل في تشكلة اول حكومة في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كان الخطوة الأولى لتحميل قطاع التعليم الأساسي مسؤولية انطلاقة إصلاح التعليم بوصفه المرحلة الأولى التي تتأسس عليها المراحل اللاحقة مما يتطلب إنصاف القائمين على التعليم الأساسي وتحسين ظروفهم ووضعهم أمام مسؤولياتهم لتنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية ومن ثم محاسبتهم أو تشجيعهم .
وفي الآن نفسه كان ينظر إلى تخصيص وزارة للتعليم الثانوي والفني والمهني خطوة في الاتجاه الصحيح حيث يتفرغ عمال التعليم الثانوي لوضع اسس ومعايير تكييف التعليم الثانوي مع متطلبات الإصلاح المزمع بعيدا عن الانشغال بالاستحواذ على المقدرات البشرية واللوجستية للتعليم الأساسي والاستحواذ على قيادته .
وانطلاقا من هذين التصورين كانت النتيجة المتوقعة أن تحدث فطيعة تامة مع التجاذبات وتداخل المسؤوليات التي اثقلت كاهل الوزارة السابقة للتهذيب وأوصلت التعليم عموما إلى ماهو عليه من التردي والفشل في جميع مراحله .
وكان المتتبعون للشأن التربوي يعتبرون فصل القطاعين سيمكن لا محالة من تفرغ موظفي كل قطاع لقطاعهم مما سيمكن من نقلة نوعية للتعليم .
لكن الحكومة الثانية الجديدة جاءت بإلغاء وزارة التعليم الأساسي وإصلاح قطاع التهذيب وضم القطاع لوزارة التعليم الثانوي وإعادة الثقة في وزيره ماء العينين ولد أييه المنحدر من التعليم الفني وسمت الوزارة من جديد باسمها القديم مع إضافة كلمة الإصلاح .
اللافت للانتباه أن جميع البنى التحتية الإدارية لهذه الوزارة من مبناها إلى المعهد التربوي إلى مدارس المعلمين إلى الإدارات الجهوية والمفتشيات ملك للتعليم الأساسي وان عمال قطاع التعليم الأساسي يمثلون أكثر من ٨٠ % من عمال الوزارة الجديدة وكل التمويلات باستثناء ماهو موجه للتعليم الفني والمهني مقدمة لدعم التعليم الأساسي ونسبة ٧٠ % إلى ٨٠ % من المدارس للتعليم الأساسي ومع هذه المعطيات فإنه لا يمثل في اطقم قيادة النظام التربوي في الوزارة ولا في المؤسسات العمومية ولا في الإدارات الجهوية للوزارة القديمة الجديدة إلا بنسبة ١ % إلى ٢ % من المفتشين والمعلمين .
ورغم الانتشار الواسع والمتشعب للتعليم الأساسي في الداخل فإن الإدارات الجهوية البالغ تعدادها ١٥ ويبلغ تعداد مديريها ومساعديهم ٣٠ مديرا ٥ منهم فقط من مفتشي التعليم الأساسي.
وفي خضم هذه المعطيات الصارخة بتهميش التعليم الأساسي وتحت وقع العديد من الانشطة التصعيدية لنقابات التعليم الأساسي يتسلم الوزير هذا الإرث الثقيل قبيل استئناف الدراسة المزمع فاتح سبتمبر .
إن هذه الوضعية تتطلب من الوزير الاستماع إلى أطر التعليم الأساسي و تكليفهم بتسيير مصالح وإدارات قطاعهم وإلا فإن الوضعية ستتفاقم ولن تجد خارطة طريق الإصلاح الجوَّ المناسب لتحقيق تعهدات فخامة الرئيس .
كما أن من الوارد تحسين ظروف العاملين في الميدان ومن ثم محاسبتهم وتطبيق مبدأ المكافأة والعقوبة .