أيُّ الكلمتين أفصحُ ” التقويم أم التقييم ؟
كتب احد المتخصصين في اللغة الجواب التالي وأجازه المجمع العربي :
إنَّ مما يُؤْسَفُ له أنْ يُخطَّأَ الصحيحُ الفصيحُ من كلام العرب بما عمَّتْ به البلوى من شيوع استعمالاتٍ مُستحدَثةٍ ليس لها سندٌ سماعيٌّ تقوم عليه أو سندٌ قياسيٌّ تَستضيءُ به. ومن ذلك شيوع لفظة (التقييم) في ألسنة كثيرٍ من المحدثين، وبتأييدٍ من بعض متخصصي اللغة؛ بحجة اقتضاء الحاجات واختلاف الدلالات، مع أن المسموع من كلام العرب التقويم لا التقييم، وإذا ثبت السماعُ كان القياس على المسموع لا على ما تقتضيه القسمة العقلية، ولم يُسمَع في لسان العرب: قَيَّم تقييمًا.
فإن قيل: نستعمل التقييم للتفريق الدلالي بين تقويم الاعوجاج وتقويم السلعة، فيُخصَّص التقويم بتعديل الشيء المعوجِّ، ويُخصَّص التقييم للدلالة على تقدير قيمة الشيء، فالجواب أنه لا داعي لذلك، فالمعنى المقصود يتبين من سياق الحال أو المقال، وقد استعملت العرب التقويم للأمرين، جاء في لسان العرب: “قَوَّمَ السِّلْعةَ واسْتَقامها: قَدَّرها … والقِيمةُ: واحدة القِيَم. وأَصله الواو؛ لأَنه يقوم مقام الشيء، والقيمة: ثمن الشيء بالتَّقْوِيم، تقول: تَقاوَمُوه فيما بينهم”. وجاء في الصحاح: “تَعْديلُ الشيء: تقويمه. يقال عَدَّلْتُهُ فاعْتَدَلَ، أي قوَّمته فاستقام”.
فأنت ترى أن المعنيينِ مستعملان بلفظ واحد، ولستَ ملزمًا بما قرّره مجمع اللغة العربية في القاهرة، وبما نصّ عليه بعض مؤلفي التصويبات اللغوية، فحججهم واهية، والحجة البالغة هي ثبوت استعمال التقويم للدلالتين في الفصيح، ويؤيده القياس الذي يُبقي الواو على أصلها في مثل هذا الموضع مما شاع واطّرد، وأما الشاذ والمتوهَّم فيه من مسموع كلام العرب فيُحفَظ ولا يُقاس عليه، ولو قيس عليه لفسدت اللغة.
والله المستعان.
د.أحمد البحبح